القائمة الرئيسية

الصفحات

 

حضارة العراق والحضارات الأخرى

كثيراً ما تسمع عن أسماء حضارات كالصين ومصر وأثينا وروما، فيتبادر إلى الأذهان لدى اغلب الناس تاريخ وثقافة محترمة، وصور متعددة لسور الصين العظيم، والاهرامات، والمدارج اليونانية، ومن الصعب جداً أن ترى نفس الشيئ والصورة عندما تطرح كلمة حضارة بلاد وادي الرافدين أو بلاد ما بين النهرين، أو العراق القديم، وما هية آثارها من زقورة وأسد وثيران مجنحة..



الصورة النمطية للعراق

كثيراً ما نرى تعبيرات لدى الغرب عندما يتم السؤال او الاستفسار عن بلاد ما بين النهرين، أو كل ما يتعلق بالعراق، حيث تظهر لدينا صورة سلوكية جاهزة للحكم العبثي، وطغيان الروؤساء، والعنف الأصولي المتطرف، وكل ما يتعلق بالحرب في الثمانينيات، والتسعينيات في القرن الماضي ومأساة أجيال وأجيال، وصولاً للغزو الأمريكي للعراق واحتلاله، وتحول العراق الحضاري الى ساحة تصفيات ماراثونية، ودخول العراق صفحة جديدة من الصراعات، أما صفات العراق كبلد حضاري مدني متمدن منذ ألاف السنين فهي صورة وئدت حية تحت طائلة النبذ وعدم الاعتراف ولأسباب عديدة، إذ لم يكن بمقدور كتب التاريخ والمناهج التربوية، والبرامج التلفزيونية في تقديم العراق القديم كمنارة ومفتاح لباقي الحضارات الأخرى، كالصين ومصر وأثينا وروما، والتي هي واجب على كل عراقي وموظف رسمي إظهار الوجه التاريخي لحضارة موغلة في القدم، يزيد عمرها على ما يربو السبعة ألاف سنة.

تساءل

ماذا لو سالت أشخاص من جنسيات مختلفة، ومن أماكن متفرقة من العالم، لوجدت الكثيرين لا يمتلكون إجابة شافية لحضارة قدمت الحرف الأول ليكون حرف التدوين والأرشيف المخزون لما قدمته هذه الحضارة. فحضارة العراق من أول الأوائل (الدولاب الفخاري، والعجلة، وأنماط الحكم، وأول معاهدة، أول مدرسة، علوم الفلك، المعادلة الستينية، الأرض الكروية، الشراع، التقسيمات الإدارية للحكم) والقائمة تطول..

فلن يقدم أي شخص جواب شافي ما لم يكن مطلع بصورة تخصصية أو ذاتي التعليم، أما غيرهم من التعليم العام أو يكون من السهل عليه الاستعراف على حضارة ولدت في بلاد ما بين النهرين منذ أكثر من 5000 عام، فقبل التدوينات الأرسطوية قبل 2000 سنة ق.م، وقبل العصر الذهبي لليونان، اخترع العراقي التدوين الكتابي والأرشيفي فكانت إنهدوانا أول كاتبة في التاريخ المسجل.

ماذا لو

ماذا لو كانت شعوب العالم على دراية بهذه الحقائق عامةً، فكيف ستكون الصورة النمطية ذاك الوقت عن العراق؟؟؟ أكيد ستكون صورة مغايرة سلوكياً وصورياً، ماذا لو قام الجيش الأمريكي والجيش البريطاني من حماية المتحف الوطني في وسط بغداد، دون تركه عرضة للنهب والتحطيم والتسليب، ماذا لو كان لهم فعل أخر من حماية الإرث العالمي، والذي يخص العالم اجمع لا العراقيين وحدهم، لماذا كان المتحف العراقي الوطني في المرتبة المتدنية من سلم أولويات القيادة المركزية الأمريكية، ولم يساعد الجيش الأمريكي ولو بوضع مجنزرة قرب بوابات المتحف العراقي؟؟؟ وبدل مساعدة موظفي المتحف، أجاب الجندي الأمريكي (sorry it's not my duty).

فالعنف الذي عانت منه القوات الأمريكية، كان أهم أسبابه الفشل في معرفة الطقوس والعادات والتقاليد العراقية، والممارسات الخاطئة بحقه، خاصة في ما يتعلق بحضارة العراق، حيث من المهم اطلاع الآخرين على الحضارة العراقية والسعي لبيان فضائلها وآثارها والتعرف عليها بصورة أفضل، ونقلها من الحيز الدراسي البحثي إلى العمومية، كما في أهرامات مصر، وكنوز ملوكها، فلو علم العالم عن كنز النمرود لقال كلمته الأخرى غير الكلمة الحالية عن بلد الحديد والنار والتطرف والانفعالات الإسلامية.

يحتاج العراق المرء إلى تشجيع وسائل الإعلام الغربية السائدة على ألقاء الضوء الإعلامي على هذه الحضارة، وتصوير الحقيقة المخفية، عن العالم بان العراق بلد المكونات والعيش المكوناتي، المتناغم مع بعض وقدرة الشعب على التوحد وإخراج المتطرف خارج مجتمعه الحضاري المتمدن منذ ألاف السنين والتحول نحو بلد السلام وتغيير الصورة النمطية لبلد تتناهبه الصراعات والطوائف.

 

 

تعليقات

التنقل السريع