قضية الكويت 1961
إن مطالبة
عبدالكريم قاسم بالكويت لم تكن واقعية
وعبرت عن سياسة عاطفية ارتجالية وهو يعرف أن الانكليز لن يتركوه يبتلع الكويت
ونفطها وهو ما فعلوه مع الملك غازي ونوري السعيد من قبل.
وجاءت مطالبة قاسم بعد إعلان استقلال الكويت عن بريطانيا عندما اصدر بيانا من الإذاعة العراقية اعتبر فيه الكويت قضاء تابعا للبصرة ورفض الاستقلال واتخذ هذه الخطوة بعيدا عن أية مفاوضات مع الكويت وبريطانيا وعلى أثرها حاول البريطاني مقابلة قاسم أو وزير الخارجية هاشم جواد دون جدوى فأضطر إلى إرسال الملحق العسكري حاملاً إنذارا إلى الحكومة بأن بريطانيا لن تسكت على أي عمل عسكري للعراق ضد الكويت وان على العراقيين أن يتذكروا درس 1941 وسوف تعلن الحرب.
الشبه بين قاسم وصدام حسين
إن ما فعله
قاسم يشبه ما فعله صدام فيما بعد منذ 1990 عندما احتل الكويت وان اقتصرت مطالبة
قاسم على الأقوال وليس الأفعال حيث لم يستشر احد من أعضاء الحكومة أو المقربين منه
وكان رأي وزير الخارجية هاشم جواد التأني وهو يعرف الوضع الدولي في حين أن صدام لم
يستشر إلا قلة ممن حوله، كما أن العراق لم يستشر مصر أو ينسق معها رغم أن العلاقات
كانت قد تحسنت وكان جمال عبدالناصر يريد دعم العراق سيما العسكري في إيقاف تحويل
مجرى نهر الأردن من قبل إسرائيل وانتظرت مصر أسبوعا كي ينسق العراق معها دون جدوى
فأنظمت إلى موقف الكويت في موقفه واعترفت بها وساعدت في انضمامها إلى الجامعة
العربية وعلى الصعيد السياسي فإن العراق حاول أن يفاوض الكويت ليس عبر القنوات
الدبلوماسية وإنما عبر تاجر من أصول عراقية يعيش في الكويت يدعى موسى علاوي حيث
عقدت جلسات تفاوض مع المسؤولين الكويتيين في جنيف كان بعضها يبشر بالانفراج لصالح العراق.
الموقف البريطاني
وكان موقف
بريطانيا عبر سفيرها في بغداد (ترفليان) أنها تؤيد وحدة فدرالية مع الأردن والكويت
إلا أن قاسم لم يستجب إلى هذه الالتفاتة فلم يفاوضها على ضمان مصالحها النفطية رغم
إن توصية وزير الخارجية أن ينفتح على بريطانيا وان يتبع الطرق الدبلوماسية وقد
عرضت الكويت في مفاوضات جنيف غير الرسمية انه مقابل اعتراف العراق بالكويت
وسيادتها سيقبل الكويت بالاتحاد على أن تبقى أمور النفط بيد الكويت وكذلك
الميزانية وان الكويت ستساهم في ميزانية الاتحاد وسوف توحد المناهج والجيش
والعلاقات الخارجية والعلم الاتحادي مقابل استمرار علم الكويت والسماح للرأسمال
الكويتي بالاستثمار في العراق ويبقى الحكم في يد العائلة المالكة وحسب نظام
العائلة إلا أن قاسم اعترض على الاستقلال والسيادة ورحب بالاتحاد وزاد الطين بله
انه بعد عرض دخول الكويت إلى الأمم المتحدة واستخدام السوفييت لحق الفيتو قام
العراق بخطوة أخرى سلبية وهي سحب سفراءه من الدول التي اعترفت بالكويت مما جعله في
عزلة . وحاولت مصر التوسط بين الشيخ عبدالله وقاسم ألا أن الأخير رفض. وأخيرا فان
مفاوضات جنيف أثمرت عن موافقة الكويت عن الاتحاد والجيش الموحد والتعليم والتمثيل
الخارجي فقط مع علم الاتحاد بعد اعتراف العراق بالاستقلال إلا أن خطاب قاسم في 6/1/1962 وهجومه على الكويت وشيخها وشعبها أدى
إلى إيقاف التفاوض والفشل.
تعليقات
إرسال تعليق
أكتب تعليقاً مناسباً حول الموضوع