القائمة الرئيسية

الصفحات

 

المسرح الكوميدي الهادف في العراق





الخيط والعصفور

في اطار سعي العراق لخلق هوية موحدة في ثمانينيات القرن الماضي، مؤدلجة بين الهوية المحلية والهوية القومية المؤسساتية، وتقديمها على عدة مراحل وبجرعات خفية، لخلق مجتمع محدد السلوك، إذ لعب المسرح والفن والادب خلال تلك المرحلة دور كبير جداً في دفع المجتمع العراقي نحو قيم كلامية ثقافية والمسرح احد ادواتها الرائجة آنذاك، وتداول تعابير تستخدم في الحياة العامة على الرغم من قلة أهميتها، كما في مشاهد مسرحيتنا موضوع مقالنا، والتي دمجت في النسيج المجتمعي وتداولها من قبل الصغار والكبار، ولازالت تستخدم على الرغم من تبني هذه السياسة في اعمال درامية تلفزيونية ومسرحية وغيرها حسب تطور المجتمع واستخدامه لتكنلوجيا الوقت الحاضر.

الخيط والعصفور مسرحية درامية كوميدية عُرضت من قبل فرقة بغداد المسرحية في ثمانينيات القرن الماضي، في مسرح المنصور، استمر عرضها لفترة سنة نالت خلال العرض شعبية واقبال جماهيري لمشاهدتها والاستمتاع بالكلمات وعدد غير قليل من الامثال الشعبية القديمة التي شكلت روحية ماضوية، أُريد ارجاعها بشكل كوميدي هزلي يدخل العقول من أوسع باب، المسرحية من إنتاج شركة بابل للإنتاج السينمائي والتلفزيوني، ومن إخراج المخرج الفنان مقداد مسلم، وأول عرض لها  عام 1983.

تدور أحداث المسرحية أبان الحكم العثماني للعراق، حيث كان باحة خلفية للصراع الدائر آنذاك لتقاسم النفوذ على منطقة الهلال الخصيب، قُدمت المسرحية للمشاهدين بطريقة مبسطة للصغير والكبير، على شكل السرد الشخصي القصصي، من خلال إظهار شابين، دلالة علة سيميائية ان الدول شابة وقوية ومثقفة من خلال الملابس الغربية البدلة والرباط، والتحدث بلهجة قريبة للفصحى، وتقديم المقدمات لمشاهد المسرحية مسبوقة بسرد أمثال شعبية متعددة ويتم تفسيرها وشرحها، وتقديم مثل شعبي يدور حوله كل مشهد مستهدف للجمهور.

 




أحداث المسرحية

قدمت أحداث المسرحية في أربعة مشاهد:

-       يبدأ المشهد الأول بسيميائية الجنازة والنعي للمتوفى، ومرور زفة عرس في نفس المكان واللحظة تقدم فيه الفنانة ((أفراح عباس)) ويتراقص الفنان ((قحطان زغير)) بشكل بهلواني وروح مرحة دون علمه لمن تعود الزفة ومن هم أقارب العريس والعروس، فيتبين فيما بعد انه مجرد ابن عم الخياط الذي خيط فستان العروس، ويشارك في الزفة لغاية الترويح النفسي، صورتي المشهد عميقة هادفة تتكلم حول الحياة والموت وتلاقيهم في لحظة واحدة في مشهد واحد دلالة العيش والرحيل في فناء هذه الدنيا.

-       المشهد الثاني من المسرحية يدور حول أهم شخصيتين في الحياة وفي المسرحية وهم ((عصفور)) وقام به الراحل خليل الرفاعي، وزوجته ((جرادة)) والتي قامت بدورها الفنانة أمل طه، تغمدهم الله بوافر رحمته، جرادة دفعت عصفور إلى العمل بهيئة دجال فتاح فأل يقرأ الفنجان والكف، بسبب ضيق الحال والفاقة آنذاك واهمال الولاة العثمانيين حكام العراق الشعب بفقر مدقع، ونتيجة لحب جرادة لحلويات الزلابية ورغبتها الشديدة بها، أمتثل عصفور لمطلبها وأشتغل فتاح فأل، ولعب الزمن لعبته بحظ مورفور، وكل ما يصدر منه استقراء للمستقبل يحصل ما يتكلم عنه، حتى وصلت شهرته لوالي بغداد القديمة أنذاك وطلبه لمعرفة من سرق خزنته، والمساعدة في الكشف عن اللصوص ممن سرقوا قصر الوالي، وتهديد عصفور بالقصاص فيما إذا طلع دجال حاله حال الكثيرين أنذاك، وكذلك قادت الصدفة لعصفور الوصول للصوص والتعرف عليهم، من خلال مشاهد كوميدية وعرض عدد كبير من الأمثال البغدادية الشعبية، بأسلوب سردي جميل مبسط للجمهور وأيصال رسالة شعبية مهمة عن فتاحي الفأل ودجلهم والتدليس المقام من قبلهم لسلب الناس أموالهم بحجة قرأة الطالع وأسرار المستقبل، وتقديم شخصيتين من الواقع الحياتي لدجال موجود في كل زمان ومكان، ودافع محرض الزوجة للقيام بأستحلاب المغفولين أموالهم.

-       المشهد الثالث مشهد سياسي مهم يتحدث عن بطانة وحواشي الولاة، أو ما معروف بالزبانية، متمثلة بشخصية أفندي ((ماذي)) الملقب بأبو الدكايك، يعتمر طربوش أحمر اللون وبدلة ويرافق ووالي محب لبطنه وللأموال، أدى دور الفنان محمد حسين عبدالرحيم، بصفات من المكر والحنكة وذكاء أصحاب المقالب، دون أن يسلم من أذاه أحد، حيث أستفاد الوالي الجشع من أفكاره الجهنمية الخبيثة، والوصول لثروة جمعت من دماء المساكين، كما وأستفاد ماذي من هذا الوالي الجشع وكون لنفسه ثروة صغيرة لنفسه ومن خداع الوالي الجشع، ويعود لاخته حاملاً الليرات الذهبية المجموعة من دهاء ومكر الثعالب من الوالي نفسه، ومن خلال تشريع قانون في المدينة بتقديم القرانات ]العملة المحلية آنذاك[، من كل من يخاف من زوجته، وخلال عودة ماذي لمدينته، عمل الدسائس والمكائد مع كل من يراه وينصب عليه، أو لكي يقضي وقت يروح فيه عن نفسه.

-       المشهد الرابع عبارة عن مشاهد عامة غير السابقة المخصصة لمشاهد حياتية، تخلل المشهد شخصيات من الحياة العامة لعجوز متصابي قام بدوره الفنان عزيز كريم، وتقديم مشهد أخر عن اللصوص المخادعين مع حارس الليل الجرخجي، وتقديم مشهد المراهنات التي كانت تجري على طاولات المقاهي البغدادية.

المسرحية من حيث العمل الدرامي التثقيفي الهادف، قد فاقت جميع التوقعات وقدمت فناً لم يقدم له سابق، وتقديم مجموعة كبيرة من المواقف الحياتية والأمثال الشعبية العراقية البغدادية الاصيلة، كما وتخلل المسرحية الربعات البغدادية والغنائية الجميلة، والمسرحية هي تجسيد لتراث بغدادي أصيل.

 




الفنانين المشاركين العمل المسرحي

-       خليل الرفاعي.

-       أمل طه.

-       محمد حسين عبد الرحيم.

-       زاهر الفهد.

-       أفراح عباس.

-       عزيز كريم.

-       كاظم فارس.

-       مطشر السوداني.

-       مصطفى طه.

-       سعدي صالح.

-       قحطان زغير.

-       سعد هادي.

-       حسين علي هارف.

-       ستار خضير.

-       هاشم سلمان.

 

 

تعليقات

التنقل السريع